الأنشطة الأثرية الوقائية
يشكل علم الآثار الإنقاذي والوقائي الجزء الأكبر من الأنشطة التي تعنى بالتراث في دولة قطر حيث يعد هذان الفرعان من علم الآثار أكثر الأدوات نجاعة حالياً لتلبية احتياجات بلد يشهد نمواً سريعاً، وشعب حريص على حماية تراثه.
وتشمل هذه الأنشطة المسوحات الميدانية، وتوثيق وتسجيل المباني، وجمع وتحليل البيانات المتوفرة من مصادر المشاريع وقواعد البيانات العلمية والتجارية، والحفر الاختباري، والحفريات الإنقاذية. وهي أساسية قبيل البدء بأي مشروع إنمائي للتأكد مما إذا كان سيؤثر على أصول التراث أو يُغَيرُها.
ويتعين على المتعهدين في دولة قطر الحصول على "شهادة عدم ممانعة" تصدرها لهم متاحف قطر خلال مرحلة تصميم مشاريعهم، حيث يُمَكّننا هذا الإجراء من اكتشاف المناطق التراثية وتسجيلها ودراستها، والأهم من ذلك تدبير حمايتها المستقبلية.
قاعدة بيانات التراث الثقافي
بدأنا عام 2009 بتسجيل المسوح الميدانية وبيانات مشروع الاستشعار عن بعد والجيوفيزياء البحرية من خلال شراكة بين متاحف قطر وجامعة برمنغهام تحت مسمى "سجل قطر الوطني البيئي التاريخي".
ومنذ ذلك الوقت، أطلقنا امتداداً للنظام السابق تحت مسمى "نظام إدارة معلومات التراث الثقافي لقطر". والذي يهدف إلى إدارة كافة مجموعات البيانات الرئيسية في قاعدة بيانات متكاملة، ومركزية، ومتاحة لجميع الموظفين والمهتمين بذلك. ويعمل النظام الجديد على إدماج بيانات سجل قطر الوطني البيئي التاريخي الذي يدير مجموعات البيانات الرئيسية لمناطق التراث، إذ صُمِّم "نظام إدارة معلومات التراث الثقافي لقطر" ليكون أداة عمل فعالة ومستدامة لدينا. حيث تتوفر قاعدة البيانات باللغتين العربية والإنجليزية وتُنَفّذ على شكل وحدات.
النسيج العمراني للدوحة القديمة
اتسم النسيج العمراني للدوحة خلال النصف الأول من القرن العشرين ببيوت من طابق أو طابقين على شكل وحدات سكنية مستطيلة؛ تلتف حول فناء قد يحتوي على أروقة مغطاة بسقف معقود على جانب أو أكثر، وغالباً ما كانت المباني متجمعة بشكل وثيق تفصلها أزقة ضيقة فحسب. وقد شكل الفناء الداخلي جوهر البيت إذ كان مفتوحاً لتوفير التهوية ووصول أشعة الشمس. واستخدمت الحجارة والطين والجص في بناء البيوت التي عادة ما كانت تحوي سقفاً مسطحاً تدعمه عوارض من شجر المنغروف "الدنشل"، وأُعِيد استخدام العديد من هذه المباني التقليدية على مر السنين؛ وبالتالي تعديلها لتلبي الاحتياجات الجديدة لسكانها.
بدأت تقنيات البناء في التغيير خلال منتصف خمسينيات القرن الماضي عندما بدأ استخدام الكتل الخرسانية والإسمنتية في البناء، ولم تكن المباني شبه مشيدة بالكامل بالكتل الخرسانية والإسمنتية إلا خلال الستينيات والسبعينيات. وغالباً ما كانت هذه المباني الحديثة الأولى تحاكي تصميم البيوت التقليدية حيث كانت تحوي فناءً داخلياً وغرفاً مصطفة على الجوانب، وعادة ما كانت هذه المباني مشيدة على طابقين وأحياناً ثلاثة طوابق. ولاحقاً شهد النسيج العمراني لمدينة الدوحة تحولاً جديداً بعد السبعينيات؛ حيث ظهرت المباني العصرية التي غالباً ما كانت عالية ومشيدة من الكتل الخرسانية، والإسمنتية، والمعادن، والزجاج، لتعكس بذلك طابعاً معاصراً.