تحفة فنية مطرزة
صنعت هذه التحفة الفنية في القرن الثامن عشر بطلب من المهراجا الهندي غيكوار خاند راو، حاكم ولاية بارودا، الذي كان معجباً بالدين الإسلامي وتعاليمه، لتكون غطاء لقبر الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) في المدينة المنورة.
تضم مجموعة متحف قطر الوطني قطعاً فنية ثمينة تعود إلى آلاف السنين، وترتبط ارتباطاً جوهرياً بقصة قطر وشعبها وتراثها الغني، حيث تعكس طريقة الحياة في شبه الجزيرة العربية آنذاك.
وتتصدر سجادة بارودا مجموعة القطع الرئيسية في صالة اللؤلؤ والاحتفالات في متحف قطر الوطني، حيث وُصفت بأنها أفخم سجادة تم صنعها على الإطلاق.
صنعت هذه التحفة الفنية في القرن الثامن عشر بطلب من المهراجا الهندي غيكوار خاند راو، حاكم ولاية بارودا، الذي كان معجباً بالدين الإسلامي وتعاليمه، لتكون غطاء لقبر الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) في المدينة المنورة.
يبلغ طول السجادة 2.64 متراً وعرضها 1.74 متراً، وقد نسجت من خيوط الحرير على خلفية من جلد الغزال الطبيعي. وتتكون السجادة من أكثر من مليون ونصف المليون قطعة من اللؤلؤ البحري الطبيعي الذي يعرف باسم "بصرة". وقد جمعت هذه اللآلئ من سواحل الخليج العربي، وتحديداً سواحل كلّ من قطر والبحرين. كما زيّنت السجادة بأحجار الياقوت والزمرد والصفير والألماس.
“ يعكس إرث مجموعة متحف قطر الوطني السرد الغني لتاريخ قطر وثقافتها، وتعتبر سجادة بارودا الفخمة أشهر غطاء مطرز بحبيبات اللؤلؤ الطبيعية. ”
تتوسط سجادة بارودا ثلاثة أشكال وردية دائرية مكونة من قطع الألماس المثبتة على أرضية من الذهب والفضة، واستُخدم الياقوت والزمرد والياقوت المدعم برقائق معدنية مرصعة بالذهب في تجميل وتحسين الزخارف. وتصطف على حواف السجادة 32 وردة صغيرة مزينة بالياقوت الأزرق والأحمر وأحجار الزمرد المرصع بالذهب، لتزيد التصميم روعة وجاذبية. وبين الوردات الماسية الصغيرة على حواف السجادة، تتوزع وريدات أصغر حجماً تتكون من ياقوتة واحدة تحيط بها ثماني ياقوتات أخرى، وكلها محاطة بسلاسل من اللؤلؤ.
يتميّز التصميم الرائع للسجادة باحتوائه على حبيبات من الخرز الزجاجي الملوّن، وقد تم رصف الحواف بأكملها بالذهب المطعّم والألماس والأحجار الكريمة. صنعت هذه القطعة الفنية الفريدة يدوياً بشكل كامل واستغرقت حوالي خمس سنوات لإتمامها، وتعتبر مثالاً مذهلاً على روعة التصميم الهندي في القرن الثامن عشر.
يعمل فريق من الخبراء المتخصصين على ترميم هذه السجادة بدقة متناهية. تقول ناراي كيم، رئيسة إدارة صيانة المقتنيات في متحف قطر الوطني، إن سجادة بارودا خضعت لتغييرات ومعالجات عديدة لحفظها، حيث تمّ إجراء عمليتي ترميم للسجادة منذ أن حصلت متاحف قطر عليها عام 2009 – الأولى عام 2010 لعرضها في معرض مؤقت في متحف الفن الإسلامي، والثانية عام 2016 في إطار التحضير لعرضها بشكل دائم في صالات عرض متحف قطر الوطني.
وفي كلتا العمليتين، ووفقاً لأفضل الممارسات، نفذ خبراء الحفظ توثيقاً شاملاً لعملية ترميم السجادة قبل، وأثناء، وبعد المعالجة. ثم أجروا معالجة ترميمية كانت ضرورية ودقيقة للغاية، مع ضمان حماية القيم المعنوية والمادية للسجادة للمحافظة عليها بشكل جيد لسنوات عديدة.
وفي هذا الإطار، يشمل التزام متحف قطر الوطني بالحفاظ على أصالة السجادة أساليب متعددة منها: تأمين طريقة حفظ ذات معايير عالية، ووحدة نقل خاصة، ومساحة عرض مجهزة بنظام تحكم بيئي مدمج.
بالإضافة إلى ذلك، يراقب موظفو المتحف الظروف البيئية المحيطة بالسجادة مثل درجة الحرارة، والرطوبة، والضوء، والغبار، إلى جانب عمليات التنظيف الدورية. كما يتم ضبط الضوء في مساحة العرض على مستوى منخفض ومحدود وفق ساعات عمل المتحف لحماية لون السجادة وقوتها.
يضم متحف قطر الوطني مجموعة مميزة من الأحافير الحيوانية والنباتية، والقطع الأثرية والتراثية والمعمارية، والمجوهرات، والأزياء، وقطع فنية من العصر الحديث.
ومع النمو المستمر الذي تشهده قائمة مقتنيات المتحف، فإن سجادة بارودا الفاخرة، وفقاً للدكتورة هيا علي آل ثاني، ما تزال تشكل دون منازع حجر الزاوية في صالة عرض اللؤلؤ والاحتفالات في متحف قطر الوطني.
لبنى زيدان - أخصائية تحرير محتوى في متاحف قطر