Insert text here

بيروت الستينات والعصر الذهبي: البحث عن صدى

13 يونيو 2023

أجرى المقابلة: لبنى زيدان

كيف يرتبط المعرض الحالي الذي يستكشف الإرث الفني لمدينة بيروت برؤية متحف: المتحف العربي للفن الحديث على نطاق أوسع؟ التفاصيل في هذه المقابلة مع زينة عريضة، مدير متحف: المتحف العربي للفن الحديث.

المشاركة مع صديق

يستكشف معرض "بيروت الستينات: العصر الذهبي" الذي يُقام في متحف: المتحف العربي للفن الحديث حتى 5 أغسطس، المشهد الفني النابض في لبنان في فترة الستينات. بتقييم فني لكلٍّ من سام بردويل وتيل فيلراث، يجذب المعرض، الذي نال استحسان النقاد، أعداداً غير مسبوقة من الزوار للمتحف. تحدثنا إلى زينة عريضة، مدير متحف، لمناقشة تفاعل الجمهور بشكل خاص مع المعرض، بالإضافة إلى إلقاء الضوء على المجموعات الدائمة في متحف ورؤيتها المستقبلية.

س: أُقيم هذا المعرض سابقاً في مدينتي ليون وبرلين. ما أهمية إقامته في الدوحة وعلى الأخص في متحف: المتحف العربي للفن الحديث؟

عريضة: يوجد العديد من الأسباب الوجيهة لإقامة هذا المعرض في متحف. أولها، وجود ارتباط بيني وبين المعرض والأعمال الفنية المعروضة والمشهد الفني وقصتي الشخصية. كانت العديد من الأعمال الفنية التي يحتضنها المعرض جزءاً من مجموعة متحف سرسق حيث كنت في السابق أشغل منصب المدير، وكنت كذلك قد أجريت العديد من المناقشات مع القيّمين الفنيين أثناء عملي في ذاك الوقت. كنتيجة لذلك، فإن بعض الأعمال الفنية في المعرض معارة من متحف سرسق.

يوجد سبب آخر لأهمية هذا المعرض بشكل خاص بالنسبة للدوحة ومتحف، وهو أنه يتماشى مع رؤيتي المتمثلة في العمل على المجموعات وتحقيق التفاعل مع الجمهور. يتّبع المعرض نهجاً متعدد الاختصاصات ويُقدم روايات متعددة، ويركز بشكل كبير على القصص الكامنة وراء الأعمال الفنية. ويعتبر هذا التركيز على رواية القصة بمثابة جوهر مهم وملائم لتأثير المعرض.

علاوة على ذلك، يكتسب المعرض أهمية خاصة، كونه من تقييم وإشراف كلّ من سام بردويل وتيل فيلراث، اللذين أشرفا على أحد المعارض الأولى لمتحف بعنوان "محكيٌّ، مخفيٌّ، مُعاد" (30 ديسمبر 2010 – 13 فبراير 2011). وقد دعا هذا المعرض الرائد 23 فناناً لابتكار أعمال فنية جديدة، مما جعله مرجعاً فنياً لا يقتصر على متحف فقط، وإنما يمتد إلى العالم العربي أجمع.

Text

زينة عريضة، مدير متحف: المتحف العربي للفن الحديث. تصوير: حمد يوسف الحمر

عندما توليت منصب المدير في متحف عام 2021، رأيت في ذلك فرصة لإعادة تقييم وإعادة تمركز متحف، وأعتقد بشدة أن مهمة ورؤية متحف الأصلية أكثر أهمية اليوم مما كانت عليه قبل 12 عاماً. وأجد أن العمل مجدداً مع سام وتيل يبعث رسالة قوية فحواها أن مهمة ورؤية متحف تظل بالأهمية ذاتها كما كانت في البدايات.

يسلّط معرض بيروت الستينات: العصر الذهبي الضوء على بعض الفنانين الذين تشكل أعمالهم جزءاً من مجموعة متحف الدائمة، حتى وإن لم تكن الأعمال الفنية المعروضة نفسها من مجموعتنا. لذلك، يُعد متحف المكان الأمثل لاستضافة هذا المعرض، باعتبار أنه يؤكد على التزام متحف بالحفاظ على الإرث الفني الغني في المنطقة وتعزيزه، ويقدم منصة للحوار الثقافي الهادف.

س. كيف يخدم أو يدعم هذا المعرض أهداف متحف؟

عريضة: يتماشى هذا المعرض بشكل مثالي مع رؤية ومجموعة متحف. لعب لبنان، جنباً إلى جنب مع بغداد والقاهرة، دوراً هاماً في المشهد الفني في المنطقة، وعلى الأخص في ستينيات القرن الماضي. وللأسف، مرت هذه المدن بتحولات مؤلمة واضطرابات شديدة على مدار السنين. لذا فمن الضروري تقصّي التاريخ وتسليط الضوء على تلك المشاهد الفنية التأسيسية لضمان نقل الإرث الثقافي إلى الأجيال الشابة.

يُعد هذا المعرض بمثابة إعلان عن الرؤية التي أتطلع إليها لمتحف وما أطمح إليه من تحقيق تفاعل مع الجمهور من خلال المعارض والبرامج المستقبلية.

زينة عريضة، مدير متحف: المتحف العربي للفن الحديث.

وعلى عكس التجارب التي تنطوي فقط على الحنين للماضي، يوفر المعرض تجربة مؤثرة تجمع بين مختلف التوجهات والعديد من القصص القصيرة التي تُحدِثنا عن المشهد الفني في تلك الحقبة. إذ لا ينطوي المعرض على الخوض في الحنين إلى الماضي فحسب، ولكنه يسبر أغوار مختلف وجهات النظر ويضم العديد من الروايات المعروضة. يُعدّ هذا المعرض بمثابة إعلان عن الرؤية التي أتطلع إليها لمتحف وما أطمح إليه من تحقيق تفاعل مع الجمهور من خلال المعارض والبرامج المستقبلية.

س. هل يُمكنك التحدث باستفاضة عن الروابط بين الأعمال المعارة في المعرض والمجموعة الدائمة في متحف؟

عريضة: أجد أن الارتباط المباشر بين متحف والمعرض ملحوظ، حيث إن 90 بالمئة من الفنانين المشاركين في المعرض تشكل أعمالهم جزءاً من مجموعة متحف، بما في ذلك هيلين الخال وسلوى روضة شقير وصليبا دويهي المعروضة أعمالهم حالياً في صالات عرض الطابق الأول. يخلق ذلك تفاعلاً رائعاً بين المعرض ومجموعات متحف الدائمة، ويُمكّن الزوار من الاطلاع على الأعمال الفنية والروايات في كلا السياقين. إلا إنه ينبغي ملاحظة أن بعض الفنانين غير مدرجة أعمالهم ضمن مجموعة متحف الدائمة، إلا أن أدوارهم ضرورية لفهم المشهد الفني في هذه الفترة.

Insert text here

مشهد من معرض بيروت الستينات: العصر الذهبي الحائط الأيسر (في الخلفية): إعادة إنتاج صورة هيلين الخال في افتتاح معرض في جاليري مانوج، بيروت، مايو 1968. MACAM - متحف الفن الحديث والمعاصر؛ (الواجهة الأمامية): هيلين الخال (1923–2009) ، روثكو "تكريم"، 1975. ألوان زيتية على قماش؛ 100 × 80 سم. ك أ– مجموعة الفن الحديث والمعاصر، بيروت. الحائط الأيمن: فاتح المدرس (1922–1999). بدون عنوان، 1966. ألوان زيتية على قماش؛ 125.5 × 225 سم. بإذن مؤسسة بارجيل للفنون، الشارقة. صورة: على الأنصاري، بإذن من متاحف قطر ©2023

وقد اختار القيّمون على هذه النسخة من المعرض 10 أعمال من مجموعة متحف التي لم تُدرج في المعارض السابقة في ليون وبرلين. وتجلب هذه الإضافة بُعداً جديداً للمعرض مما يخلق تجربة مميزة للزوار.

س: برأيك، ما الذي سيستفيد الزوار منه في المعرض؟

عريضة: يتشارك المعرض العديد من أوجه التشابه مع مدينة بيروت ذاتها. فهو معرض نابض وصاخب، مليء بطبقات من التعقيد والمشاعر والعناصر المتباينة للحُزن والفكاهة. آمل أن يقدّر الزوار هذه التجربة الغنية، وأن يدركوا أن زيارة متحف فني واستكشاف معرض يخلق تجربة ثرية لا مثيل لها. وسواء بهدف التعلم أو الاستمتاع، يقدم المعرض لمحة سريعة عن طبيعة الحياة متعددة الأوجه وتجاربها المتنوعة وتعقيداتها ومختلف طبقات تفسير الحياة.

Insert text here

مشهد من معرض بيروت الستينات: العصر الذهبي. يضم المعرض العديد من المقاطع المصورة الوثائقية والعناصر ذات الوسائط المتعددة، بالإضافة إلى مواد أرشيفية مثل الملصقات والإصدارات والمنشورات. صورة: علي الأنصاري، بإذن من متاحف قطر ©2023

وكذلك، آمل أن يتفهم الزوار الارتباط الوثيق بين الفن والثقافة. إن إدارج الأرشيفات السمعية المرئية في المعرض التي تستعرض الصور ومقاطع الفيديو الوثائقية من افتتاح المعارض، يُعتبر تذكيراً بأن الفنانين هم جزء لا يتجزأ من المجتمع. إذ أنه من خلال أعمالهم الفنية، نجد أن الفنانين المعاصرين لديهم القدرة على التأمل والتعبير عن العناصر الفريدة لزمنهم. حيث إن عادةً ما تتحدث أعمالهم عن المشاكل المُلِحة وتوفر نبذة قيّمة عن السياق التاريخي الذي نشأت في تلك الأعمال. ومن ناحية أخرى، يُعتبر استكشاف الأعمال الفنية أثناء حقبة محددة تجربة غنية بالمعلومات بشكل لا يُصدق، لأنه يُسلط الضوء على فترة معينة في التاريخ بشكل خاص. آمل أن يأخذ الزوار هذا الفهم والتقدير لكيفية أن يكون الفن عدسة قوية يُمكننا من خلالها الاطلاع على تاريخنا المشترك وفهمه.

س. كيف يتماشى هيكل المعرض مع أهدافك العامة لمتحف؟

عريضة: إن استخدام مقاطع الفيديو، لا سيما الأفلام الوثائقية المعروضة في الردهة، يُضيف قيمة كبيرة للمعرض. تمنح المقاطع المصورة التي أنتجتها مؤسسة دلول للفنون في بيروت الزوار فرصة للتعمق في فهم المشهد الفني في بيروت. من خلال تقديم وجهات نظر مختلفة ورؤى إضافية، يُشجع المعرض على الزيارات المتكررة، بما يتيح للزوار توسيع معارفهم وتفاعلهم مع موضوع المعرض بشكل أعمق. يعدّ التركيز على الزيارات المُتعددة أمراً مهماً بالنسبة لنا، كونه يُعزز الاستكشاف والتعلم المستمر داخل مساحة المعرض.

Insert text here
Insert text here

مشاهد من صالات عرض معرض بيروت الستينات: العصر الذهبي الذي يستمر في تسجيل أعداد حضور غير مسبوقة منذ افتتاحه في مارس.

س. يستقطب المعرض عدداً كبيراً من الزوار. كيف يعكس ذلك تطلعات الجمهور في الدوحة؟

عريضة: كمديرة متحف، لدي إيمان راسخ أن دورنا مع الفنانين والقيمين على المعارض يمتد إلى ما هو أبعد من مجرد تحديد القصة التي نرغب في روايتها. أجد أنه من المهم أيضاً دراسة كيفية جذب تفاعل الزوار مع القصة وضمان أن عملنا يظل ذو أهمية بالنسبة لهم. لهذا الجانب أهمية خاصة في عملنا. يُسعدني مشاهدة أن المعرض يجذب زواراً أكثر بالمقارنة مع المعارض السابقة. أود أن أتخيل أن ذلك بسبب أننا نُتيح للجمهور معرفة القصة خلف المعرض. تلعب إتاحة المعلومات دوراً هاماً في خلق بيئة مُرحّبة في المتحف الفني. عندما يشعر الزوار بالراحة والترحيب، فإن ذلك يُشجعهم على العودة.

كان انطباع الزوار إيجابياً بشكل كبير. بالنسبة للزوار الذين على دراية بـ "متحف" ومجموعته والذين تربطهم صلة وثيقة بالمتحف، أجد أن المعرض يوفر أسلوباً مُحدثاً للمعارض المؤقتة. كما إن الارتباط السلس مع مجموعة المتحف يُضيف عنصراً غير متوقع ومُبهِج للتجربة. كما عبّر الزوار عن اهتمامهم الشديد بالمواد الأرشيفية المعروضة في المتحف، مثل الملصقات والمنشورات والإصدارات وبطاقات الدعوات، التي تقدم نظرة ثاقبة على تاريخ الأعمال المعروضة. ووجدنا أن تضمين من 12 إلى 14 مقطعاً مصوراً في المعرض ساهم في جذب انتباه الزوار بشكل كبير. بالإضافة إلى ما سبق، فقد ساهمت المجموعة المتنوعة من المعروضات، بما في ذلك الرسومات والأعمال على الورق وأعمال النسيج وأعمال الخزف والمجسمات ثلاثية الأبعاد، في تحقيق الاستجابة الإيجابية والمتحمسة.

الصفحات الداخلية مطبوعة بيروت والستينات الذهبية تعرض عملًا فنيًا في المعرض.

صفحتان من كتالوج معرض بيروت الستينات: العصر الذهبي المُقام في الدوحة. فريد عواد، مشهد المترو، 1960–1970. ألوان زيتية على قماش. 195×390 سم. بالإذن من هاله ورده. صورة: نوشاد أحمد، بإذن من إدارة المطبوعات في متاحف قطر ©2023

س. ماذا عن الإرث الذي سيتركه المعرض؟

عريضة: أحد أهم جوانب إرث المعرض هي الإصدارات التي نشرت لترافق المعرض. وقد صدرت تلك الإصدارات في الأصل باللغة الفرنسية للنسخة التي أُقيمت في ليون، ومن ثم حرّرت وعدّلت باللغة الإنجليزية لتضم أعمالاً من مجموعة متحف التي أُضيفت إلى المعرض. ويجري في الوقت الحالي التحضير لطباعة نسخة باللغة العربية. سيكون لتلك الإصدارات أهمية كبيرة حتى بعد انتهاء المعرض، وستخدم كمرجع للمشهد الفني في لبنان أثناء فترة الستينات لترسيخ أهميته.

لبنى زيدان هي أخصائي تحرير محتوى أول في متاحف قطر.

خطط للزيارة

يُقام معرض بيروت الستينات: العصر الذهبي في متحف: المتحف العربي للفن الحديث حتى 5 أغسطس 2023. الدخول إلى متحف مجاني ويشمل زيارة المعرض وصالات العرض الدائمة. احجز تذكرتك المجانية مسبقاً لاختيار الفترة الزمنية المفضلة لديك.

حجز التذاكر