Insert text here
الباحثون

إضاءة على المقتنيات: مزهرية خالدة من دمشق

19 سبتمبر 2023

لبنى زيدان

تٌعتبر مزهرية "كافور" المعروضة في متحف الفن الإسلامي واحدة من أروع الأمثلة المتبقية من نوعها لفن الزجاج منذ عهد المماليك الذي امتد من عام 1250 إلى عام 1517 في مناطق سوريا ومصر.

المشاركة مع صديق

تُعرف المزهريات من العصور الوسطى عموماً بأنها قطع زجاجية مزخرفة ومزججة يدوياً بألوان متعددة، وعادةً ما تحمل تصاميم دقيقة ونقوشاً فنية تعبر عن الثقافة والفنون والتقاليد في تلك الفترة. تُظهر مزهرية "كافور" بالأخص تلك العناصر المميزة للفن المملوكي وتجمع بين الزخارف الإسلامية التقليدية والتأثيرات الفنية الخاصة بذلك الوقت.

تاريخ القطعة

على الرغم من أنه يُعتقد أن عائلة دو ألينغ النبيلة أحضرت مزهرية "كافور" إلى فرنسا من الأراضي المقدسة، إلا أن اسمها اشتق من اسم مالكها في القرن التاسع عشر، كاميليو باولو فيليبو جوليو بينسو (كونت كافور) الذي يُذكر تاريخياً على أنه أول رئيس وزراء لإيطاليا، وهو منصب شغله لبضعة أشهر فقط قبيل وفاته عام 1861م. بعد وفاة كافور، انتقلت المزهرية إلى ابنة أخته جوزيبينا بينسو دي كافور وزوجها السياسي الإيطالي مارشيز كارلو ألفيري دي سوستيجنو الذي قام بعرضها في فلورنسا عام 1878م قبل أن يورثها لاحقاً إلى ملكة إيطاليا مارغريت (1879-1900م)، حيث يقال إنها بقيت مع عائلة سافويا المالكة لأجيال. ظهرت المزهرية في أواخر الثمانينات في سوق الفن بلندن، حيث اقتناها متحف الفن الإسلامي عام 1988 من تاجر الزجاج كريستوفر شيبارد.

صورة إناء أزرق

تشير الدقة والتفاصيل في زخرفة المزهرية إلى أنها صنعت في ورشة مشهورة إما في مصر أو سوريا وكلاهما مركزان عُرفا بصناعة الزجاج المطلي بالمينا خلال الحقبة المملوكية. الصورة © متحف الفن الإسلامي، الدوحة

الحرفية

تحمل هذه القطعة، التي تمّ إنتاجها في منتصف القرن الثامن الهجري (منتصف القرن الرابع عشر الميلادي)، تاريخاً غنياً بالثقافة والفن والتراث الإسلامي، وتجسد المهارات الفنية والحرفية الراقية التي كانت متاحة خلال العصر المملوكي والتي تعكس الإبداع والابتكار في فن صناعة الزجاج. وقد سمح أحد الابتكارات التقنية الرئيسية في ذلك الوقت للفنانين بدمج المينا الزجاجية الملونة في وعاء زجاجي بنقطة انصهار منخفضة. للقيام بذلك، قام نافخو الزجاج بصنع جدران سميكة جداً للوعاء لإبطاء عملية التسخين، مما أعطى المينا وقتاً كافياً لتظهير الألوان الغنية والنابضة بالحياة. ويخفي اللون الأزرق المعتم لجسم المزهرية سُمك جدرانها. لاقت هذه التقنية إعجاباً كبيراً من قِبل صانعي الزجاج الأوروبيين وكانت مصدر إلهام لإنتاج الزجاج في وقت لاحق في مدينة البندقية الإيطالية.

يأخذ هذا الإناء، المصنوع من الزجاج الأزرق الكوبالتي المنفوخ، شكل كمثرى ذات رقبة أسطوانية تتجه إلى حافة مستديرة سميكة وتستند على قاعدة منخفضة مفلطحة مطلية بالكامل بمينا متعدد الألوان وزخارف مذهبة تتكون من خطوط أفقية تمثل زخارف نباتية وكتابات بالخط العربي وطيوراً.

Insert text here

تحمل النقوش الصفات البطولية والتقوى لسلطان غير مسمى، وهو شكل من أشكال التأبين شاع استخدامه على القطع الفنية التي تعود إلى أوائل القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي في سوريا الأيوبية، واستمر لاحقاً حتى العصر المملوكي. الصورة © متحف الفن الإسلامي، الدوحة

النقوش والزخارف

يقول النقش الكتابي المكتوب بخط النسخ الأنيق المحيط بالعنق:

“المجد لسيدنا الملك، الجندي المقدس، المدافع، سلطان الإسلام والمسلمين، مروض الكافرين، صاحب العدل في العالم."

مع بيت شعر يتوسط المزهرية يقول:

"المجد لسيدنا الملك، الجندي المقدس، المدافع، الملك، المتعلم، العادل، الجندي المقدس، المدافع، التقي، المنتصر، المتوكل على ﷲ، الظافر، سلطان الإسلام، الفاعل، العادل، الجندي المقدس، المدافع المتقي، المتوكل على ﷲ، المنتصر، سلطان الإسلام والمسلمين، مروض الكفار والمشركين، صاحب العدل في العالم".

وتحمل هذه النقوش الصفات البطولية والتقوى لسلطان غير مسمى، يُحتمل أن تكون المزهرية قد صنعت له، وهو شكل من أشكال التأبين شاع استخدامه على القطع الفنية التي تعود إلى أوائل القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي في سوريا الأيوبية، واستمر لاحقاً حتى العصر المملوكي.

Insert text here

ترتبط الطيور الخضراء في أسفل المزهرية بطائر الفينيق وهو طائر يرمز إلى الخلود والأمل. الصورة © متحف الفن الإسلامي، الدوحة

كما تزّين المزهرية ثلاثة طيور غريبة تعكس تأثير المنسوجات الفاخرة في آسيا الوسطى (المنغولية على وجه الخصوص) التي وصلت إلى مصر في منتصف الثامن الهجري/ القرن الرابع عشر الميلادي. قد ترتبط الطيور بطائر الفينيق الشهير من 572–573 هـ/ 1177م الذي ذُكر في العمل الأدبي الفارسي الشهير "منطق الطير" والذي يعتبر رمزاً للخلود والأمل. تشير الدقة والتفاصيل في زخرفة المزهرية إلى أنها صُنعت في ورشة مشهورة إما في مصر أو سوريا، وكلاهما مركزان عُرفا بصناعة الزجاج المطلي بالمينا خلال الحقبة المملوكية.

تعدّ هذه المزهرية بفضل تاريخها الغني ونقوشها المعقدة وحرفيتها الرائعة بمثابة شهادة على الإبداع والابتكار في صناعة الزجاج خلال العصر المملوكي، مما يجعلها تحتل مكانة قطعة مركزية ضمن مجموعة متحف الفن الإسلامي الدائمة.

لبنى زيدان – أخصائي تحرير محتوى أول في متاحف قطر

Insert text here

مزهرية "كافور" المميزة معروضة في قاعة العرض رقم 1 في متحف الفن الإسلامي. الصورة: © متحف الفن الإسلامي، الدوحة

توجد هذه المزهرية في قاعة العرض رقم 1 في متحف الفن الإسلامي إلى جانب كنوز أخرى من مجموعة متحف الفن الإسلامي الدائمة.

خطط للزيارة