كان للفنانة الحداثية العربية البارزة مديحة عمر (1908 – 2005) دور فعال في تشكيل حركة الحروفية في منتصف القرن العشرين في العراق.
ولدت الفنانة في مدينة حلب السورية، ونشأت في العراق حيث أصبحت مواطنة متجنسة. اهتمت مديحة بالمنطقة في الفترة التي تلت الدولة العثمانية، والتي تزخر مبانيها الإسلامية بالتفاصيل الأصيلة للخط العربي. وانصبّ اهتمامها كذلك على الازدهار الثقافي في الإمبراطوريات القديمة للعراق وصولاً لعصر الحداثة.
تلقت تعليمها في بيروت واسطنبول قبل أن تصبح إحدى أوائل النساء اللاتي أرسلتهن الحكومة العراقية في منحة دراسية إلى إنجلترا، حيث تلقت التعليم الفني النظامي في كلية ماريا غراي للتدريب وهي أول كلية لتدريب المعلمات في البلاد. وفي عام 1933، عُيّنت مديحة لدى عودتها إلى بغداد رئيساً لقسم الفنون في كلّيّة تطبيقات دار المعلمات، في وقت استثمر فيه العراق بكثافة في التعليم الفني.
كانت الأربعينيات من القرن الماضي فترة انتقالية بالنسبة للفنانة. فبعد استقرارها في واشنطن العاصمة عام 1942، تابعت تعليمها الفني في جامعة جورج واشنطن حيث اكتشفت أعمال الباحثة العراقية الأمريكية نبيهة عبود، أستاذة الدراسات الإسلامية وعلم البَرْديّات والمخطوطات القديمة، والتي ركّزت أبحاثها على التطور المبكر للخط العربي. أوْجَدَ ذلك إطاراً تأسيسيّاً لمقاربة مديحة الجماليّة في تعاطيها مع الأبجدية العربية، والذي تضمّن استخلاص الحروف من سياقاتها التقليدية إلى أشكال تجريدية، مع الإبقاء على جوهرها السامي.