Photo of a gallery space with a sculpture of a peasant women with a jug on her head in the middle.

إضاءة على المقتنيات: محمود مختار وفخر الأمّة

11 يوليو 2023

بقلم أرثر دبسي

يضم متحف: المتحف العربي للفن الحديث، مجموعة فريدة وذات مستوى عالمي من مقتنيات الفن الحديث والمعاصر من العالم العربي وعلاقاته الثقافية والتاريخية. أحد هذه الكنوز تمثال رائع من القرن العشرين جاء ليمثل روح الاستقلال المصري.

المشاركة مع صديق

كثيراً ما يشار إلى محمود مختار على أنّه النحات الأول في مصر حتى "بعد أكثر من 1700 عام"(1). سعى محمود مختار إلى إنشاء لغة تشكيلية مرنة ذات مراجع بصرية، بهدف خلق انسجام بين الجمهور المصري المعاصر وهويته الثقافية والتاريخية. فصل النحات نفسه من خلال ممارسته الفنية، عن التدريب الأكاديمي الذي تلقاه في أوروبا، لينتقل تدريجياً بأعماله المنحوتة نحو فنّ يتصف بمزيد من القومية.

طيلة مسيرته الفنية، استوحى محمود مختار إلهامه من مشاهد الحياة اليومية في ريف مصر، حيث كان يبحث عن الطابع المصري في عمله. وقد برز شكل الفلّاحة في كثير من مواضيع أعماله، وأنتج عدداً كبيراً من المنحوتات التي تمثل هذه الشخصية، وبأحجام مختلفة، ومن ضمنها التمثال البرونزي المسمّى على ضفاف النيل (1930). هذا التمثال جزء من المجموعة الدائمة في متحف. يصوّر العمل الفني المصنوع بالحجم الطبيعي فلاحة ترتدي "طرحة" (حجاب مصري تقليدي) وتحمل "بلاّص" (جرّة تستخدم لحمل الماء) على رأسها.

Insert text here

محمود مختار (1891-1934) ، على ضفاف النيل، 1930، البرونز، الزنجار، 220.5 × 50 سم.

ومع أن أعمال النحات كانت تمثل فن النحت التقليدي في مصر القديمة، فإنه استحضر النمط الفرعوني. ففي هذه القطعة الفنية، قلّص مختار تركيزه على أهمية الضخامة في النحت، وركّز أكثر على حركيّة القطعة، في مسعى لسرد قصة الشخصية نفسها.

"على ضفاف النيل" ليس تصويراً عاماً للفلّاحة المصرية التي ظهرت بشكل واسع في كليشيهات المستشرقين أواخر القرن التاسع عشر. يعرض العمل الفني رسالة قوية ومحددة رداً على السياق السياسي المتوتر في ثلاثينيات القرن الماضي، وقتما كانت المملكة المصرية تحت السيطرة العسكرية البريطانية.

في ذلك الوقت، تصاعد تطلع الشعب المصري إلى استقلال البلاد، مما ألهم محمود مختار تحويل شخصية الفلّاحة إلى رمز قومي.

Insert text here

ج. ليكيجيان (فرنسي، 1870 - 1890)، مصور. الفلاحات، (حاملات الجرار) حوالي 1870-1890. طباعة البومين فضية. متحف جيه بول جيتي، لوس أنجلوس 84.XM.1407.61 .الصورة الرقمية بإذن من برنامج جيتي للمحتوى المتاح.

تُجسد الفلاّحة التقاليد المتأصلة والعميقة لمصر، والتي لم "يفسدها" الاستعمار الغربي. فمنذ آلاف السنين، والفلّاحات يكررن نفس العملية، حيث يذهبن لجلب المياه من نهر النيل لتخزينها في القرية. باختياره هذه الشخصية الخالدة، أثبت محمود مختار أن التقاليد لا تُطمر، بل ويمكنها الاستمرار عبر القرون حتى العصور الحديثة.

لم يتوقف محمود مختار عن الاحتفاء بالريف المصري وأهله حتى وافته المنية عام 1934. من خلال منحوتته "على ضفاف النيل" وغيرها من المنحوتات، ربط الفنان تاريخ مصر الحديث بماضيها العريق والمجيد، سواء من حيث أسلوب النحت والموضوع. أصبحت الفلّاحة ، المترسخة في الثقافة البصرية المصرية، صورة مرتبطة بالنضال من أجل الاستقلال. فمستقبل مصر الحديثة سوف يبنيه الشعب المصري بنفسه، وكما قال محمود مختار بفخر عن نفسه: "إنني ابن فلاح متواضع من أرض مصر"(2).

أرثر دبسي، باحث ومستشار المجموعة الفنية، متحف: المتحف العربي للفن الحديث

المصادر:

(1) نقلاً عن محمود مختار، من كتاب سيجرمان، أليكس ديكا، الحداثة على النيل، الفن في مصر بين الإسلامي والمعاصر. القاهرة، مصر: مطبعة الجامعة الأميركية في القاهرة، 2019. (ص 79)

(2) "أنا ابن فلاح متواضع من أرض مصر" نقلاً عن محمود مختار في أبو غازي، بدر الدين، بوكتور، غابريل. مختار أو صحوة مصر. القاهرة، مصر: إتش أوروند وابنه، دار الهلال، 1949. (ص 43)

خطّط لزيارة متحف

يعرض تمثال "على ضفاف النيل" ضمن المجموعة الدائمة في متحف: المتحف العربي للفن الحديث. الدخول إلى متحف مجاني ويشمل الدخول إلى المعارض الخاصة المؤقتة. احجز تذكرتك المجانية مسبقاً لاختيار الفترة الزمنية المفضلة لديك.

حجز التذاكر