TBC

إضاءة على المقتنيات: كنز مصري للإنارة

2 أبريل 2024

لبنى زيدان

ينقل هذا الفانوس الرائع المصنوع من الزجاج المنفوخ والموجود ضمن مجموعة مقتنيات متحف الفن الإسلامي، الزائر إلى القاهرة إبّان العصر المملوكي، وتحديداً إلى أحد المساجد والمدارس المملوكية الضخمة.

المشاركة مع صديق

على مدى قرنين ونصف من الزمن، تحكم المماليك بإمبراطورية امتدت من سوريا إلى النوبة جنوباً، ومن ليبيا إلى شبه الجزيرة العربية شرقاً. أنفق المماليك الثروة الهائلة التي كسبوها من التجارة على بناء الصروح الدينية والمدنية، وخاصة المساجد والمدارس. كانت المساحات الكبيرة لهذه المباني تتطلب إنارة وافرة، مما أدى إلى إنتاج عدد كبير نسبياً من الفوانيس المعلقة في مصر وسوريا. الفوانيس التي بقيت إلى يومنا هذا ما هي إلا دليل ملموس على الإنجازات المعمارية والفنية الهامة لهذا العصر.

من المرجح أن يكون هذا الفانوس المميز قد صُنع لمسجد ومجمع مدارس السلطان الملك الظاهر سيف الدين برقوق في القاهرة، والذي تم الانتهاء من بنائه عام 788هـ/ 1386م. وهو يمثل الزخرفة النموذجية التي استُخدمت في تزيين الفوانيس الزجاجية المنتجة في تلك الحقبة، والتي تتمثل بالنقوش المكتوبة بالمقلوب بمادتي المينا الأزرق والذهب على عنق الفانوس، والخلفية الزرقاء ذات الزخارف النباتية المتشابكة على جسم الفانوس الكروي. كان الخط المحدد باللون الأحمر الظاهر على جسم الفانوس مملوءاً بالذهب في الأصل.

قد تكون هيئة الفانوس وزخارفه مستوحاة من المشغولات المعدنية المملوكية، التي يمكن اعتبارها من أعظم إنجازات الصناعة اليدوية الإسلامية في العصور الوسطى.

TBC

تعطي نقوش المصباح لمحة عن الاهتمام الفني والديني في ذلك العصر. الصورة © متحف الفن الإسلامي، الدوحة

أهمية النقوش الكتابية

كانت فوانيس المساجد المذهبة، مثل هذا المصباح، تصدر ضوءاً خافتاً من خلال قاعدتها وجزئها العلوي، أما نقوشها الكتابية الغامقة فكانت تلفت الانتباه إلى هوية (وتقوى) مؤسس المبنى.

في هذا النموذج، تذكر النقوش المكتوبة بخط الثلث اسم السلطان الملك الظاهر سيف الدين برقوق مرتين – مرة على جسم المصباح ومرة داخل الرصائع الدائرية الموزعة على عنق الفانوس– بينما اقتُبست النقوش الأخرى من القرآن الكريم.

"الله نور السموات والأرض. مثل نوره كمشكاة فيها مصباح، المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري".

الاقتباس الذي يحيط بعنق المصباح مأخوذ من سورة النور، وهو جزء من الآية 35. يؤكد النقش على الجانب الحسي المضيء للنص القرآني، وغالباً ما يستخدم لتزيين الفوانيس.

يقول النقش الكتابي الذي يحيط بجسم المصباح:

"المجد لمولانا السلطان الحاكم الظاهر أبو سعيد نصره الله."

تعتبر الفوانيس التي تحمل اسم أبي سعيد برقوق (اسم آخر للسلطان برقوق) هي الأكثر عدداً الباقية من العصر المملوكي. الغالبية العظمى منها موجودة الآن في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة، حيث قامت السلطات المصرية في أواخر القرن التاسع عشر بجمع كافة الفوانيس الأصلية المتبقية في القاهرة لحفظها. توجد قطعة مماثلة لهذه، لها نفس الزخرفة المتشابكة حول الرقبة في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة.

TBC
TBC

سورة النور، جزء من الآية 35، تجسد بشكل أنيق الغرض الجوهري للمصباح. الصورة © متحف الفن الإسلامي، الدوحة

الأصل النبيل

ظهر الفانوس في قوائم جرد مخازن البارونة الفرنسية باتشيفا دو روثتشيلد، صاحبة الأعمال الخيرية والتي تتحدر من عائلة روثتشيلد المصرفية العريقة. ورثت البارونة جزءاً من المجموعة الفنية الكبرى التي جمعها جدها البارون ألفونس جيمس دو روثتشيلد (1868-1949) من خلال صندوق ائتماني. تضمنت المجموعة لوحات فلمنكية بارزة تعود للقرن السابع عشر والعديد من القطع الإسلامية والبندقية.

بعد وفاتها في عام 1999، عُرضت مجموعاتها الفنية في مزاد في لندن في ديسمبر عام 2000، وكان هذا المصباح جزءاً من مبيعات تضمنت روائع من الأعمال الزجاجية الإسلامية والبندقية والفنون الزخرفية من عصر النهضة وقطع أثرية من القرن التاسع عشر، صُنعت بأسلوب مملوكي إحيائي، والعديد من قطع المجوهرات التاريخية تعود إلى عصر النهضة.

لبنى زيدان هي أخصائية تحرير محتوى أولى في متاحف قطر.

شاهد القطعة بأم العين

انغمس في الجمال الآسر والتاريخ الغني للفن الإسلامي في قاعات العرض الدائمة لمتحف الفن الإسلامي.

خطط للزيارة