على مدى قرنين ونصف من الزمن، تحكم المماليك بإمبراطورية امتدت من سوريا إلى النوبة جنوباً، ومن ليبيا إلى شبه الجزيرة العربية شرقاً. أنفق المماليك الثروة الهائلة التي كسبوها من التجارة على بناء الصروح الدينية والمدنية، وخاصة المساجد والمدارس. كانت المساحات الكبيرة لهذه المباني تتطلب إنارة وافرة، مما أدى إلى إنتاج عدد كبير نسبياً من الفوانيس المعلقة في مصر وسوريا. الفوانيس التي بقيت إلى يومنا هذا ما هي إلا دليل ملموس على الإنجازات المعمارية والفنية الهامة لهذا العصر.
من المرجح أن يكون هذا الفانوس المميز قد صُنع لمسجد ومجمع مدارس السلطان الملك الظاهر سيف الدين برقوق في القاهرة، والذي تم الانتهاء من بنائه عام 788هـ/ 1386م. وهو يمثل الزخرفة النموذجية التي استُخدمت في تزيين الفوانيس الزجاجية المنتجة في تلك الحقبة، والتي تتمثل بالنقوش المكتوبة بالمقلوب بمادتي المينا الأزرق والذهب على عنق الفانوس، والخلفية الزرقاء ذات الزخارف النباتية المتشابكة على جسم الفانوس الكروي. كان الخط المحدد باللون الأحمر الظاهر على جسم الفانوس مملوءاً بالذهب في الأصل.
قد تكون هيئة الفانوس وزخارفه مستوحاة من المشغولات المعدنية المملوكية، التي يمكن اعتبارها من أعظم إنجازات الصناعة اليدوية الإسلامية في العصور الوسطى.