Insert text here
الباحثون

استعادة الذكرى: حوار مع سام بردويل

6 يونيو 2023

أجرى المقابلة إيمان رزفي

يناقش سام بردويل، القيّم الفني المساعد لمعرض بيروت الستينات: العصر الذهبي، مناهج وأساليب تنظيمية لمجموعة من الذكريات المشتتة والمدمرة، وقيمة الفن باعتباره وسيلة لاستعادة اللذكرى.

المشاركة مع صديق

يُسلط معرض بيروت الستينات: العصر الذهبي المُقام في متحف: المتحف العربي للفن الحديث حتى 5 أغسطس 2023 الضوء على أكثر من عقد من الإنتاج الثقافي الثري والازدهار في لبنان، من الفترة التي بدأ فيها الحكم الاستعماري الفرنسي وانتهاءً باندلاع الحرب الأهلية. خلال هذه الفترة، عندما أعادت الثورات والحروب هيكلة السلطة في جميع أنحاء المنطقة، بدأ العلماء الثقافيون والمفكرون من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالتجمع في بيروت، مما ساهم في ظروف سنحت للنشأة الفنية والسياسية للمدينة. يدعونا القيّمان الفنيّان للمعرض سام بردويل وتيل فيلراث لاستكشاف كيف أدى الاصطدام بين الفن والثقافة والأيديولوجيات السياسية المستقطبة إلى تحويل المشهد الفني في بيروت إلى نموذج مصغر للتوترات الإقليمية الأكبر.

في هذه المقابلة يصف سام بردويل الرحلة التي أعادت إحياء الذكريات في هذا المعرض.

Insert text here

مشهد من معرض بيروت الستينات: العصر الذهبي. الحائط الأوسط (في الخلفية): ملصق فيلم سعاد حسني في سينما ريفولي في ساحة الشهداء في وسط بيروت 1970 – 1980. بالإذن من مجموعة جورج بستاني، بيروت؛ (في المقدمة) رفيق شرف (1932–2003)، منظر طبيعي، 1968. ألوان زيتية على قماش 62x46 سم. مجموعة صالح بركات، بيروت. صورة: عمار القمش، بإذن من متاحف قطر © 2023.

س. كيف نشأت فكرة هذا المعرض؟

سام بردويل: بدأت صياغة فكرة هذا المعرض حوالي عام 2017 – 2018، عندما كنا نعمل على موقع إلكتروني كان جزءاً من مبادرة تسمى منظور مؤسسة سرادار للفنون في بيروت. كانت الفكرة هي إنشاء موقع إلكتروني تفاعلي يضم جميع المساحات الفنية التي كانت نشطة في بيروت خلال الخمسينيات والستينيات والسبعينيات. وكان هذا المشروع يتطلب دقة عالية واستمر لمدة عامين، وعند اكتماله، كنا قد جمعنا بيانات عن آلاف المعارض.

عندما بدأنا العمل في بينالي ليون الـ 16 للفن المعاصر، خطرت لنا فكرة "الهشاشة". كان هذا أيضاً خلال ذروة جائحة كوفيد – 19، حيث أدركنا أنه إذا كانت هناك حقيقة عالمية، فهي حقيقة أن لكل منا نقاط ضعفه. بدأنا التفكير في ثلاثة محاور: هشاشة الفرد، وهشاشة المجتمع أو المدينة، والهشاشة بمعنى أشمل وأكبر للعالم، وكل الكائنات. عندما تناولنا المجتمعات، طرأت لنا مدينة بيروت. وتم التركيز على هذه المدينة أكثر عندما وقع الانفجار المؤسف في أغسطس 2020. كنا نشهد هشاشة المدينة وتدهور كل شيء. شعرنا أنه من ناحية، يمكن أن يكون هذا المعرض وسيلة لتسليط الضوء على بيروت - تكريماً لإرث العديد من فنانيها وأفرادها - من ناحية أخرى، يمكن أن يلعب المعرض دوراً هاماً ونقدياً في دحض الخرافات في محاولة لفهم جذور المشاكل التي ما زلنا نواجهها حتى اليوم.

س: يتم إحياء ذكريات الفترة التي يتناولها هذا المعرض بشكل مختلف من قبل كل مجموعة. بصفتك قيّم فني للمعرض، ما هو النهج المتبع في استحضار الذكريات والحنين إلى الماضي؟

بردويل: الذاكرة الجماعية في لبنان هي موضوع جدل. تختلف الطريقة التي يستحضر بها الناس الذكريات، سواء كان ذلك من خلال الحنين إلى الماضي أو تذكر البطولات أو كمواطنين عاديين - بالتأكيد ليس هناك رواية واحدة قد يتفق عليها معظم اللبنانيين. الأشرار من فئة معينة قد يكونون أبطالاً في فئة أخرى. مصائب قومٍ عند قومٍ فوائد. ونستنتج أن هذا كله يبرهن أنه لا يمكن التوفيق بين جميع الآراء، وأنماط الحياة، والأيديولوجيات السياسية والأمور الثقافية ذات الصلة التي، بدلاً من أن تكون علامةً تدل على الشمول الثري والتنوع كما كانت في فترة زمنية ما، أصبحت تشير إلى وضعية لا يمكن الدفاع عنها.

أدركنا أنه إذا كانت هناك حقيقة عالمية، فهي حقيقة أن لكل منا نقاط ضعفه.

سام بردويل

أدركنا هذه الأمور عند تصوُّر المعرض. ولهذا السبب، نُظَّم المعرض بالاستناد على شخصيات مهمة، العلماء الثقافيين والفنانين والكتاب والعقول السياسية، من بيروت الغنية ثقافياً. ولكن هناك أيضاً هذا الخط الآخر الذي يستمر في الظهور من خلال العرض حيث تبدأ في رؤية كيف تتزايد الاختلافات. هناك اعتماد لأشكال وأنماط معينة كتمثيل للهوية السياسية، سواء كان ذلك مع الفنانين الذين يقومون بالتنقيب عن لغتهم المحلية وتراثهم لإيجاد لغة كانت حقاً في فترة ما بعد الاستعمار، أو تلك التي كانت مرتبطة بالأنماط والحركات التي رآها البعض الآخر على أنها قادمة من الغرب.

في قسم المعرض الخاص بالسياسة، نرى كيف أصبح الفنانون سياسيين بشكل علني، مستخدمين فنهم للترويج وطرح آرائهم حول قضايا معينة، ودعمهم لأهداف معينة. في القسم الأخير، حول الحرب، يمكننا أن نرى بوضوح، من خلال الفن، الدمار الذي يحدث عندما لم يعد الناس يتفقون على الاختلاف.

Insert text here

مشهد من معرض بيروت الستينات: العصر الذهبي. جوانا حاجي توما (مواليد 1969) وخليل جريج (مواليد 1969)، مع حلول الليل يمضي النهار، 2022. مقاطع الفيديو التقطت في متحف سرسق يوم انفجار ميناء بيروت. 12 شاشة من زاويتي عرض متزامنة، بالإذن من متحف سرسق (لبنان)، تسجيلات الدوائر التلفزيونية المغلقة بتاريخ 4 أغسطس 2020. صورة: عمار القمش، بإذن من متاحف قطر © 2023.

س: غالباً ما تُمجَّد المدن في الجنوب العالمي لمرونتها بطرق مختزلة وضارة وتستند إلى تصورات المستشرقين. بصفتك قيّم على المعرض، كيف تتجنب الوقوع في فخ هذه الأفكار النمطية؟

بردويل: هذا سؤال جيد جداً، أعتقد بالنسبة لنا، أن تقديم عمل معاصر تم تكليفه من أجل العرض، من قبل جوانا حاجي توما وخليل جريج، كان يتعلق بضمان الوكالة، وإبقاء النظرة مؤطرة بعيون شخص شهد هذه الأحداث، ويعود لذلك المكان. نحن لا نتحدث بالنيابة عنهم، إنهم يتحدثون عن أنفسهم. وهم فنانون يشكلون، بطريقة ما، استمراراً لسلالة من الفنانين الذين تعاملوا أيضاً مع النضال والصراع والحرب في السبعينيات والستينيات.

يفتتح المعرض بـ"ليبوريلو" لإيتيل عدنان، يبحث في تدمير السفن في الميناء، أسطورة الميناء. وينتهي أيضاً بالميناء بعمل جديد لجوانا حاجي توما وخليل جريج. لذا بطريقة ما، أنشأنا حلقة تبدأ في ذلك الوقت وتستمر حتى الانفجار المؤسف في عام 2020، ونضمن أن تُسرد القصص من خلال أعمال أولئك الذين عاشوا هذه الأحداث ومن منظورهم. كانت هذه إحدى الاستراتيجيات التي استخدمناها لتقليل النظرة الخارجية قدر الإمكان.

المعرض هو تكريم واحتفال ونقد في آنٍ واحد. الأمر لا يتعلق بالثناء والتنديد. لقد حاولنا أن نضع نهجاً متوازناً، مستنيراً إلى أوجه القصور والإنجازات، من خلال النقاط العالية والمشهد الفني الثري، ولكن أيضاً من خلال عدم قدرة الفنانين على فصل أنفسهم عن سياقهم السياسي.

بالطبع، هناك مخاطر عندما تحاول سرد هذه القصص والوقائع المعقدة للغاية من خلال الفن. أعتقد أن الطريقة الوحيدة لتجنب ذلك هي من خلال تقديم إخلاء مسؤولية من البداية. لا يوجد معرض واحد أو عمل فني واحد يمكن أن يلخص التعقيد والواقع المعاش لكثير من الناس الذين هم في حد ذاتهم مختلفون تماماً وأحياناً متضاربون أو حواريون. من المهم جداً أن نذكر بوضوح أن هذا استفسار عن شيء ما، أو استجواب، أو اقتراح، أو قراءة، أو مجموعة من الحقائق غير المكتملة، وأن هذه دعوة لفتح باب الحوار بشكل أكبر، لتضمين المزيد من الأصوات. وأنا أحاول القيام بهذا في جميع معارضنا، وهو استخدامها كمنصات مفتوحة تثير الأسئلة التي نعتقد أنها وثيقة الصلة ومهمة، والتي تسمح للعديد من الإجابات بالالتقاء والتفاعل مع بعضها البعض حتى نتمكن من العثور على طرق جديدة للتفكير في القضايا الموجودة منذ فترة طويلة.

Insert text here

مشهد من معرض بيروت الستينات: العصر الذهبي. إيتيل عدنان (1925–2021)، ميناء بيروت، 1974. فحم على ورق (30 صفحة)؛ 8x20.5 سم. بإذن من الفنان. يقدّم هذا الكتاب الكبير لإيتيل عدنان، الذي يمكن طيّه على شكل أكورديون "ليبوريلو"، أسطورة ميناء بيروت، وهو موضوع مرتبط بالمعرض. صورة: عمار القمش، بإذن من متاحف قطر © 2023.

س. هل هناك معاني أو أفكار معينة تود أن يستخلصها الزوار من المعرض؟

بردويل: إذا كان هناك شيء واحد نود أن نلفت الانتباه إليه، فهو كم هو ضروري بالنسبة لنا، في كل مكان اليوم، أن نفهم لماذا نحن على ما نحن عليه، وما هي التحديات التي تنتظرنا وكيف يمكننا التغلب على العقبات التي تعيقنا من الحصول على رؤية متساوية وتحفيز المزيد من التعاطف. من الضروري أن ننظر إلى الوراء بعين ناقدة ونبتعد عن هذا النوع من الحنين إلى الماضي أو التمجيد حيث نعتقد أن كل شيء في الماضي كان رائعاً وكل شيء الآن ليس كذلك. من المهم أن تكون نقدياً، من المهم أن تكون مسؤولاً وأن تخلق مساحات ولحظات من خلال معرض حيث يمكن للناس أن يفكروا في أفعال من سبقهم، وأن يعترفوا بأن ذلك بسبب ما تم القيام به أو لم يتم القيام به، ما قيل أو لم يقال - ما تم الالتزام به - ليوصلنا إلى ما نحن عليه الآن. أعتقد أن هذا التمرين لإحياء الذكرى ومحاولة إيجاد أرضية مشتركة في الماضي ضروري لنا لإيجاد أسلوب مشترك للمضي قدماً.

إيمان رزفي هي أخصائية تحرير محتوى في متاحف قطر

خطط للزيارة

يُقام معرض بيروت الستينات: العصر الذهبي في متحف: المتحف العربي للفن الحديث حتى 5 أغسطس 2023. الدخول إلى متحف مجاني ويشمل زيارة المعرض وصالات العرض الدائمة. احجز تذكرتك المجانية مسبقاً لاختيار الفترة الزمنية المفضلة لديك.

حجز التذاكر