إلى الآن كل شيء يبدو رائعاً، لكن ما هو تصميم الأزياء الراقية؟ يشير المصطلح إلى فرع من فروع الأزياء التي تتميّز بالرقي والفخامة، غالباً ما تكون مصنوعة يدوياً ومحاكة بالطلب. هذه الصفات الأساسية –يقرنها كثيرون بالبذخ والمغالاة، فهي أزياء مصنوعة من آلاف الريشات، أو تستهلك عشرات الأمتار من القماش. ولكن هذا يخالف الحقيقة، فالمعنى الحقيقي للأزياء الراقية يتجلى في خصوصيتها وتفردها، ابتكرها الناس من أجل الناس. ولذلك، فالأزياء الراقية، تميّزها الأيادي الماهرة.
يمكنكم العثور على هذه الأيدي في المشاغل، وهي مصانع أحلام للأزياء الراقية. ضمن هذه الحدود، تتواصل أجيال وأجيال من الحرفيين، ويتوارثون المعرفة لصنع أزياء استثنائية. تحتوي كل دار من دور الأزياء الراقية على هذه المساحات وهؤلاء الأشخاص، عادةً ما ينقسمون إلى مجالين مختلفين من الخبرة.
نشأت الأزياء الراقية مع عصر لويس الرابع عشر، وأُضفِي الطابع الرسمي عليها في باريس في منتصف القرن التاسع عشر، لذلك نجد التسميات الفرنسية مرتبطة بعملياتها: في تصميم الأزياء، يوجد مشغل مخصص للخياط (tailleur) ومشغل للأقمشة الخفيفة (flou)، وهي كلمة فرنسية تعبر عن كل ما يتم صناعته بدون استخدام تقنيات الخياطة، سواء تعلّق الأمر بسترة رقيقة أو ثوب سهرة منفوش. إلى جانب المصممين الرئيسيين، توجد مجموعة واسعة من الحرفيين المتخصصين – مثل مصنعي الأقمشة، وفنيي التطريز والريش، وفنيي المشاغل التي تنتج أزهاراً من القماش أو تتخصص في الضفائر. وهم الذين يشكلون النظام الذي يغذي صناعة الأزياء الراقية ويضفي الحياة عليها. تمتد أساليبهم الإبداعية المُجْهدة والمكلفة والفريدة من نوعها إلى مئات السنين - وتماماً كما تعتمد عليهم صناعة الأزياء الراقية، فإن الحاجة إلى وجودهم تتحدد باحتياجات هذه الصناعة.
تصميم الأزياء هو قصة تحمل طابع الأُلفة والإنسانية. في كل مرحلة من مراحل تصنيعها، الأيدي هي التي كانت تُخرج فكرة الملابس إلى الوجود. البداية تكون بفكرة، يليه رسم تخطيطي للتصميم على ورق، يُترجم بعدها إلى نموذج مبدئي على قماش رقيق شفاف، بشكل ثلاثي الأبعاد مصنوع من نسيج كاليكو القطني أو نسيج الموسلين الرقيق، والذي يسمح لمصمم الأزياء وعاملات الخياطة بإجراء تحسينات على تصميم السلويت قبل القص النهائي لقماش الفستان الأصلي.
في هذه المرحلة، يتم تحديد تقنيات الخياطة التي ستعطي الفستان شكله المميز، وقد تم اختراع عدد من الأشكال في مشاغل فالنتينو، بما في ذلك تصميم الطبقات (Pagine)، حيث يتم تكديس طبقات من الأورجانزا لمحاكاة تأثير "صفحات الكتاب"، وتقنية الزخرفة بخيوط القماش (Budellini)، وهي تقنية تطريز باستخدام حبال من الحرير المزدوج الملفوف حول مغازل صوف طويلة، لإنشاء شكل أنبوبي.